الخميس، 3 يونيو 2010

قافلة الرياضيين .. من القلب إلى العيون


شهدت الساحة الوطنية في الفترة الممتدة بين الخميس 20 ماي والإثنين 24 منه حدثا متميزا، حمل توقيع جمعية «مدينتنا» التي يرأسها اللاعب الدولي السابق أحمد فرس، وبتعاون مع مؤسسة المغربية للألعاب والرياضات، وذلك من خلال تنظيم قافلة رياضية من أجل مغربية الصحراء، ضمت نحو 150 مشاركا انطلق من مدينة المحمدية في اتجاه العيون التي احتضن ملعبها مباراة من قدماء شباب المحمدية ومولودية وجدة، إحياء لذاكرة مقابلة 1976 بين الفريقين بمناسبة كأس الصحراءرجال ونساء، أطفال وشيوخ انعكست على وجوههم خريطة الرحلة، أعلام في الأيادي اليمنى وصور الملك محمد السادس في الأكف اليسرى، كل هذا وغيره وسط نغمات «العيون عينية» وبين أحضان أرواح طليقة مثل الصحراء المفتوحة. هكذا عاش ساكنة مدينة المحمدية صباح يوم الخميس 20 ماي 2010 أجواء انطلاق قافلة الرياضيين من أجل مغربية الصحراء. ساحة المسيرة الخضراء، التي شهدت كذلك انطلاق متطوعي المحمدية للمسيرة سنة 1975، كانت هي نقطة انطلاق القافلة بحضور كافة فعاليات المدينة، يتقدمهم العامل عبد العزيز دادس ورئيس المجلس البلدي محمد لمفضل.ما إن قاربت عقارب الساعة التاسعة صباحا حتى بدأت الحافلات الثلاث في طي الطريق، وتجاوز أولى الأمتار (1200 كيلومتر) الفاصلة بين المحمدية والعيون. حينها فتح المجال لتطبيق المبرمج وانتطار المفاجآت غير المتوقعة، لعل أولها إشهار الزميل عبد العزيز بلبودالي والكاتب العام لجمعية «مدينتنا» أمام جميع المشاركين سلاح «صفارة» تحكيم، في إشارة طريفة إلى وجوب الامتثال لتعليماتها، خصوصا عند حلول مواعيد الاستيقاظ والأكل. المشهد ودلالاته، على الرغم قساوته على قلوب عشاق النوم، إلا أن الجميع استحسنه، حتى أن الفنان البيضاوي الذي اعتبر ركاب الحافلة رقم 3 انضمامه إليهم بمثابة فوز بورقة يانصيب ولقبه البعض بـ«غوغل» القافلة لدرايته بجميع التخصصات، علق على الموضوع مستدلا بـ«ما أطال النوم عمرا ولا قصر في الأعمار طول السهر».وفعلا، كان جميع اللاعبين السابقين والإعلاميين والجمعويين والفنانين كقطعة إسفنج امتصت كل عناء السفر وقلة ساعات النوم. فالحافز كان صلبا والعوائق بقدر قوتها كانت أضعف من أن تنال من تلك العزائم. ويكفي أن نشير إلى دلالات تصريح البطل الذهبي أحمد فرس، رئيس جمعية «مدينتنا» لـ «الوطن الآن» متأثرا: «إنها قضية ليست ككل القضايا، ومبادرتنا هاته جاءت لتؤكد أن اللاعب السابق لم يكن فقط منشغلا بهم التهديف والدفاع عن فريقه داخل رقعة الميدان، وإنما له انشغالات أوسع نحو بلده ومؤسساته وشعبه أيضا، ولابد أن أشير في هذا الصدد إلى أننا مع بداية العد العكسي لبلوغ يوم انطلاق القافلة، تلقينا الكثير الكثير من طلبات الانضمام إلى هذه المسيرة، وحتى من تأكد من عدم إمكانية مشاركته لا يكف عن الاتصال هاتفيا بشكل يومي بغية الاطمئنان على ظروف التحضير والتعرف على آخر المستجدات».. واستطرد رئيس جمعية «مدينتنا» قائلا «إن حرارة الدعم كانت أيضا قوية من لدن مؤسسة المغربية للألعاب والرياضات في شخص مديرها يونس المشرفي الذي لم يتردد لحظة في اقتراح التكفل بجميع مصاريف الرحلة بالنظر إلى هدفها النبيل والوطني.»وفي تصريح لـ«الوطن الآن» قال يونس المشرفي إن المسؤولين على جمعية «مدينتنا» كان طلبهم مقتصرا على تقديم بعض المساعدات الميسرة لنجاح الحدث، إنما المغربية للألعاب والرياضات أبت إلا أن تتشرف بتغطية التكاليف الكاملة للقافلة إلى درجة الاستغناء عن أي مصدر ممول آخر». وأردف المشرفي «إن مثل هذه المبادرات لا يمكن للمغربية للألعاب والرياضات إلا أن تساندها بدون قيد أو شرط، وتعمل على توفير كل ما لديها من إمكانيات لخدمة القضية الوطنية.»جبال ووديان، سيل يحمل التراب والحشائش، وشمس تجاهد السحب الداكنات، كل هذا استمتع به المشاركون وهم في طريقهم إلى عاصمة الصحراء.. الصور تتناسخ مع فارق التميز الخاص بكل منطقة، حيث ما إن يتم الخروج من الطرق المستوية حتى يبدأ الصعود إلى المرتفعات والمنحنيات التي لا تبصر فيها نهاية الطريق الصاعدة. ففي قلب الواحات تنام في شكل مجموعات متفرقة قرى صغيرة تلمح فيها أناس يحيون القافلة بتلقائية وحب. إنها حياة الجنوب وصحراء المغرب التي كلما زرتها تعلقت بها أكثر، وكيف لا وكل المحطات تنطق بذلك انطلاقا من العيون والطاح وأخفkير والواد الواعر وواد أم فاطنة وواد شبيكة وطانطان وكلميم وتيزنيت، هاته الأخيرة التي أتحفنا أحد ساكنتها بقصيدة يقول بعضها: «يا صحرائي، أيتها الفاتنة الحبيبة، الغالية العزيزة، يا حلم الشباب وأمل الصبا، ونفحة سارت بعطرها الأنسام، ربيت على هواك، وعشت على ذكراك، أفيريدون مني أن أنساك؟ أبدا ولو مت سيبقى في خلجاتي ذكراك.»بعد الاستقبالات الاحتفالية التي حظيت بها القافلة بمجموعة من المدن، منها برشيد وشيشاوة وتزنيت وكلميم وطانطان، أتى الدور على مدينة العيون التي استقبل مسؤولوها هي الأخرى جميع المشاركين بحفاوة منقطعة النظير، وألقيت كلمات بالمناسبة من قبل الوالي محمد جلموس ورئيس الجهة حمدي ولد ابراهيم ولد الرشيد، كما قدمت العديد من التذكارات بشكل متبادل. هذا وقد قام أحمد فرس بعد تأدية المشاركين صلاة الجمعة بمسجد القدس في طانطان بتقديم ألبسة رياضية وكرات لأطفال المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق