الخميس، 24 سبتمبر 2009

الفراغ المغربي خلق 400 جمعية تناصر البوليزاريو بإسبانيا













كانوا ستة صحراويين ممن زاروا اشبيلية عاصمة الأندلس من 6 إلى 10 شتنبر 2009، وهم: توفيق برديجي، بابا أهل ميارة، إبراهيم لغزال، خالة بوصولة، سعداني ماء العينين ومحمد طالب، بدعوة من الجمعية الإسبانية الصحراوية «حوار». «الوطن الآن» التقت توفيق برديجي، الكاتب العام لمنتدى الساقية الحمراء ووادي الذهب للديمقراطية والتنمية لتسليط الضوء على دواعي زيارة إسبانيا وفي هذا الوقت بالذات* ما هو سياق الزيارة التي قمتم بها إلى إسبانيا؟** تدخل هذه الزيارة في إطار الدبلوماسية غير الحكومية، حيث دشنا التعاون مع «الجمعية الإسبانية الصحراوية، حوار»، التي تهتم بتشجيع وفتح قنوات الحوار بين الإسبان والمغاربة من أجل تقريب وجهات النظر وإيجاد حل لمصلحة الجميع، هذه الجمعية سبق لها أن نظمت عددا من الندوات منذ سنة 2007، توجت بزيارة وفد يرأسه برلماني إسباني للأقاليم الجنوبية شهر ماي 2009، وكان الوفد يتكون أيضا من أعضاء غرفة التجارة والصناعة للأندلس، وفعاليات من المجتمع المدني الإسباني. أما بالنسبة للرحلة التي قمنا بها فهي كانت مبادرة من النسيج الجمعوي المحلي بالتعاون مع الجمعية المستضيفة في اشبيلية..










ماهو غرض الزيارة؟** كان الغرض الأساسي من الزيارة هو رفع اللبس عن جميع الأحكام المسبقة التي تحكم علاقة بعض الإسبان بقضية الصحراء، حيث التقينا لأول مرة بما يعرف بصحراويي شرق الحزام الأمني، بعد أن كانت أفكارهم المسبقة تقول إن الصحراويين هم فقط الموجودون غرب الحزام الأمني في مخيمات تندوف، وهذا أمر جوهري ركزنا عليه في كل المداخلات، وقلنا لهم إذا كنتم تحسون بعقدة الذنب ما بعد منح الاستقلال للأقاليم الصحراوية، فإن أكثر من 70 في المائة تقطن في الجنوب المغربي. وحسب الإحصائيات المسلمة لمنظمة غوث اللاجئين، فإن مخيمات تندوف تضم 38 في المائة من الصحراويين. وعليه، فعلى الإسبان الانتباه لهذا الأمر، والقيام بفتح حوارات في هذا الصدد، ومن بين رسائلنا لهم في هذه الزيارة أن المناطق الصحراوية تعرف نوعا من الانفتاح والديمقراطية والتنمية منذ 10 سنوات. وما يميز الزيارة هو أنها كانت تضم عددا من النشطاء الحقوقيين الذين كانوا ضحايا سنوات الرصاص، وبعد تولي الملك محمد السادس للعرش تمت المصالحة، وظهرت لهم آفاق جديدة في العيش والاندماج في المجتمع الصحراوي. التقينا في هذه الزيارات بممثلي الحزب العمالي الاشتراكي والحزب الشعبي، من خلال برلمانييه في الأندلس..







كيف ظل المجتمع المدني الإسباني طوال هذه العقود متعاطفا مع طرح البوليساريو، في حين كانت وجهة نظر المغرب شبه غائبة عن الساحة الإسبانية؟** السؤال في طياته الجواب.. فغياب المغرب عن الساحة الإسبانية في القضية الوطنية، ترك المجال موسعا لمساندي طرح البوليساريو. أما عن الأسباب، فالجواب لدى من يهمهم الأمر، ونجاح البوليساريو في كسب التعاطف الإسباني هو نتيجة العمل المكثف والحثيث، إذ هناك حوالي 400 جمعية تناصر هذا الطرح تشتغل بشكل يومي ودائم في إسبانيا، إضافة إلى حسن استغلال الورقة الإنسانية، من خلال تقديم أنفسهم كلاجئين واستغلال الأطفال والنساء والشيوخ في هذا الأمر، وهناك آلاف الأطفال من تندوف الذين يزورون إسبانيا سنويا، وخصوصا أندلسيا التي تعد معقل البوليساريو بامتياز، وتعد خزانا لجمع التبرعات العينية. هذا النجاح هو نتيجة الفراغ الذي تركه المغرب على مستوى الجبهة الإسبانية، وحتى إن وُجدت بعض الجمعيات المغربية في هذه المدينة أو تلك فإن همها الأساسي هو تحسين وضعية العمال المغاربة المقيمين، ويبقى أغلبها بعيد كل البعد عن مجال القضية الوطنية..






* هناك وجهة نظر مفادها أن عدم اهتمام النسيج الجمعوي المغربي بملف الصحراء، يعود بالأساس إلى الاعتقاد الذي ترسخ لديهم بأن إشكالية الصحراء شأن ملكي ومجال محفوظ للقصر فقط ومحيطه؟** هذا جزء من المشكل، وكانت قضية الصحراء مجالا محفوظا لثلة قليلة لمدبري الشأن السياسي في المغرب الممثلين في المحيط الملكي ووزارة الداخلية، لكن هذا الاعتقاد ينبغي تغييره، لأن الطريقة الأولى لم تعط نتائج، بل انعكست سلبا على قضيتنا، خصوصا أن الذي يدعم طرح البوليساريو في إسبانيا ليس هو النظام الحاكم، وكل الدعم هو نتيجة النشاط الجمعوي المدني، وكذا ذاك المقدم من البلديات الإسبانية. فما الذي يمنع بلدياتنا في الأقاليم الصحراوية، وهي تضم عددا من الأطر، من ربط علاقات عمل وصداقة مع نظيراتها في إسبانيا؟ ثم لماذا لا يتم استثمار قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين لتنعكس على المجال السياسي؟ على الأقل لرفع اللبس وشرح وجهة نظر المغرب في الموضوع وعدم ترك الإسبان رهائن لوجهة نظر وحيدة تتجلى في الانفصال..


* كيف تفسر المفارقة التي تتعامل بها إسبانيا مع المغرب، من حيث «خيرات المغرب حلال، وصحراؤه حرام»، أو بعبارة أخرى إسبانيا مع المغرب اقتصاديا ومع البوليساريو سياسيا؟** من حق أي مستثمر البحث عن مجالات جغرافية يستثمر فيها أمواله قصد تحقيق الربح، لكن هذا لا يعني أن نبقى مكتوفي الأيدي، عبر استغلال هذا التقارب الاقتصادي لتحقيق تقارب سياسي يساند الطرح الوحدوي في القضية الصحراوية. فكما شرحنا لمحاورينا الإسبان، عدم قبول المغرب لأي ناشط حقوقي أو برلماني إسباني ينزل في أحد مطارات المغرب حاملا راية البوليساريو، مثلما لا يمكن تصور أي شخص مغربي أو غيره يحمل راية «الباسك الحرة» ويتحرك في إسبانيا، فتفهموا الأمر. وحكى لي أحد الذين التقينا بهم أن مشكل الإسبان في تعاملهم مع قضية الصحراء هو أنهم ضحايا تصور مغلوط من قبل البوليساريو يصور لهم المناطق الجنوبية على أنها تحت الحصار وتعيش حظر التجول، والحال أن الإسبان الذين يزورن المنطقة يكتشفون أن هذه مجرد مغالطات وأكاذيب، وبأن المحلات التجارية في مدريد تغلق أبوابها قبل نظيراتها في العيون والداخلة، مما يعني أن هذه المنطقة تعيش حركة عادية، غير التي يصورها أصحاب الطرح الانفصالي للإسبان. الهدف من تحركاتنا هو تشجيع الزيارات الإسبانية ميدانيا لمدن الصحراء للوقوف عن قرب على حقيقة الأوضاع، ونرحب بهم كمراقبين أو مستكشفين، أما أن يحلوا بهذه المدن بشكل مستفز للشعور الوطني، فهذا ما لا يمكن القبول به، كما لا يمكن القبول في إسبانيا نفسها بأي تحرك لنشطاء الانفصال الباس





جاء في معرض حديثك أن هناك 400 جمعية انفصالية تنشط في الساحة الإسبانية، وهذا يقتضي إمدادات مالية ولوجستيكية، لإنجاح أي مبادرة، بالمقابل أنى للجمعيات المغربية أن تنافس هذا التحرك دون دعم مادي؟** إذا كان تقديم ملف الوحدة الترابية المتعلق بالصحراء وكأنه مجال محفوظ لنخبة في البلد، يعد جزءا من المشكل، فإن الجزء الآخر هو ضعف إمكانيات المجتمع المدني المغربي الوحدوي في إسبانيا، فأنى لجمعية لا تجد ما تسد به الحاجة في التنقل من مدينة لأخرى، أن تحاكي أو تواجه جمعية تساند الطرح الانفصالي، وهي تفوقها عددا وعدة؟ ثم كيف للدبلوماسية الرسمية أن تقدم نفعا لقضية الصحراء وهي تقدم المغرب من خلال المعارض والأنشطة الفنية، دون تقديم الفولكلور الصحراوي؟ وكأن الأمر يتعلق بتراث «حدُّو أكادير»، وهذه أمور قد يتم المرور عليها مر الكرام، لكن في العمق تثير الانتباه، وتعطي الانطباع وكأن الصحراء منفصلة عن المغرب..
في أي إطار تم تأسيس منتدى الساقية الحمراء ووادي الذهب، وما هو برنامج عمله؟** المنتدى تم في إطار تنفيذ إحدى توصيات ورشات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والتي ركزت على ضرورة تقوية النسيج الجمعوي في الصحراء للقيام بالدور الحقيقي، في صيانة حقوق الإنسان ودعم التنمية والديمقراطية في المنطقة. أما برنامجنا فهو أجرأة توصيات لقاء العيون، وكانت أول خطوة القيام بزيارات لعدد من الإدارات المحلية وفتحنا معهم لقاءات تواصلية وتحسيسية من أجل التعاون، قمنا أيضا بسلسلة من ورشات التدريب لفائدة أعضاء النسيج الجمعوي، ومن بين أولويات الاشتغال هناك مواضيع التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الذاتي..
حاوره: أحمد لفضالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق