الأربعاء، 29 يوليو 2009

لكاتب الصحفي محمد سعيد الوافي يكتب مقالامثيرا حول مسار المفاوضات حول قضية الصحراء





أسعد الله يومكم أيها القراء الكرام ، كان يفترض أن نتناول في هذه الحلقة الجزء الثاني من سلسلة التذكير بجرائم عصابات البوليساريو وجهاز المخابرات الجزائرية في حق المعتقلين وأسرى الحرب والمختطفين المغاربة في مخيمات تندوف. لكنني تعمدت تأجيل العودة إلى هذا الملف لإفساح المجال للزميل أحمد الجلالي الذي يتناول في حلقات كتابه سرد مذكرات السيد إدريس الزايدي الذي قضى في سجون البوليساريو فوق التراب الجزائري 25 عاما ذاق خلالها أبشع أنواع العذاب .. ولست بذلك ألغي تناول هذه الجزئية الحقوقية الهامة والتي قد تستوجب تحقيقا دوليا حول ممارسات أدت في دول أخرى عبر العالم إلى متابعات قانونية بل واقتضت تدخل مجلس الأمن الدولي بقرارات إدانة ومذكرات توقيف .. لكن ما زال أمامنا من الوقت ما يكفي وجعبتنا مليئة بما لا يضع له الأعداء أدنى حسبان ولكل حادث حديث.
اليوم سنعود إلى أسطوانة التفاوض المشروخة .. وأقصد تفاوض المغرب مع جبهة البوليساريو .. فبين شد وجدب وبين قبول ورفض وتهديد بالعودة إلى السلاح ونهاية بتصريحات سفير ( البوليجزاريو ) لدى الجزائر بأن الهدف من عقد جولة تمهيدية غير رسمية من المفاوضات هو ضمان استئنافها بشكل جدي .

بين هذا وذاك بقف المرء مشدوها وكله سؤال عن أي مفاوضات يتحدث السيد غالي ( سفير البولجزاريو) ؟
مفاوضات من أجل ماذا ؟ ومفاوضات مع من ؟
1- أي مفاوضات ؟
جرى في عرف العلاقات بل وحتى الصراعات بين الدول أن هذا يعرف البلد أو ذاك غريمه وأن تحدد هذه الدولة أو تلك أعداءها أو أعداء مصالحها إلا عندنا في المغرب .. فحكومتنا تعلم علم اليقين وبما لا يترك للشك أي مكان أن عدو وحدتنا الترابية الأول هو الجزائر (النظام) وأن مفاوضة جماعة من الأشخاص يدعون تمثيل من يسمونهم بالشعب الشعب الصحراوي هو محض إفتراء وبهتان وأن لا وجود لتمثيل عادل لشعبنا المحاصر في تندوف فكيف للسجان أن يفاوض باسم المسجون وكيف لحكومتنا ووزارة خارجبتنا أن تنساق وراء حوار ( رسمي أو غير رسمي ) مع ثلة من الجلادين ولصوص المساعدات الدولية. كيف يعقل أن نقبل الجلوس مع أناس نعلم علم اليقين أنهم يتلقون أوامر يومية من طرف آخر متخفي ( يقلز من تحت الجلابة ) ويدعي البراءة من قضية الصحراء ويرفع شعار الدفاع عن حرية الشعوب أوليس المحتجزون في تندوف بضحايا سياسة الجارة الجزائرية الشقيقة ( ولكلمة الشقيقة في المغرب معنى آخر واضح هو وجع الراس الله ينجيكم جميعا) الأمر كله لخبطة في لخبطة فلا مفاوضات ولا هم يحزنون ومن يشك في كلامي فليبدأ بسؤال الشعب المغربي عن مدى دعمه للتفاوض حول مغربية الصحراء أنذاك سيعرف القاصي والداني أن المغاربة من طنجة إلى الكويرة ليس لديهم إستعداد للتخلي عن شبر واحد من الصحراء .. أما خلافنا مع الجارة الشقيقة ( الله ينجيكم ) فيمكن حله بمفاوضات ثنائية يكون فيها الوضوح والشفافية هما السبيل والهدف . نعم لست أنكر أنني أتجاهل بحكم حبي لوطني أمرا هاما وهو أن التفاوض جاء كتضحية قدمها المغرب لتبيان حسن نواياه ورغبته في حل الخلاف لكنني في المقابل لا أكاد أقبل أن يكون المغرب هو من يقدم التضحية في حين لا تزال الجزائر متخفية وهي تحرك آلتها الدبلوماسية لمعاداة المغرب ومصالحه. فانا كغيري من المغاربة لم ولا ولن يقبلوا في يوم من الأيام أن نفاوض مجرم حرب بحكم كل الأعراف والقوانين الدولية في حين نقبل بالأمر الواقع ونسلم بأن الحوار مع الجزائر يجب أن يمر عبر تندوف .. لاحظوا معي أننا نبدأ من حيث انتهينا وان المفاوضات لم تبارح مكانها لأن سؤال التفاوض الأول والأخير هو :
التفاوض من أجل ماذا ؟
موقف المغرب الرسمي هو أننا نفاوض من أجل بلورة صيغة مقبولة للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية وبراية مغربية وبجيش مغربي وعلاقات خارجية مغربية و لا يبدو أن المغرب مستعد للتنازل عن هذا الشرط تحت أي ظرف أو ضغط أو مساومة حتى لو كانت من دولة صديقة.

البوليجازاريو يفاوض من أجل هدف واضح وبدونه لا يمكنه أن يحقق أمنيته وهو إقامة دولة صحراوية مستقلة في الأقاليم الجنوبية المغربية وهو مستعد لبلوغ ذلك المضي في مفاوضات تمكنه من شرعنة وجوده على الأقل لتثبيت موقعه في وجه الدول التي سحبت إعترافها به، ككيان يدعي ما يدعيه من مطالب منها ما يقبله العقل ومنها ما هو محشو بكم من الشعارات والأكاذيب.

إن البوليجزاريو هو أسعد اليوم أكثر من اي وقت مضى بتحقيق حلم الجلوس مع المفاوض المغربي وهو يعلم أن نهاية هذا التفاوض هو إنفصام لا رجعة فيه وأن المغرب لن يقبل بمطالبه لكنه وعلى الرغم من ذلك يسير على نهج مخطط جزائري ودبلوماسي محترف مفاده أن ما لا يؤخذ كله لا يترك كله مع إضافة عبارة في " الوقت الراهن " إذن من هذا المنطلق نفهم أن البوليجزاريو يفاوض من أجل كسب المزيد من الوقت ضمن لعبة الإستنزاف الدبلوماسي منتظرا هفوة أو سقطة مغربية تمكنه من إعادة خلط الأوراق وإعادة تسطير مطالبه الحقيقية والتي اشرنا إليها في السالف.
طيب يقول المثل المغربي " إذا لي كايدوي حمق إلي كايسمع يكون معقل " .. فالأمرالوحيد المعرف والمعروف في هذه المفاوضات أن هناك مفاوضات من أجل حل عادل ومرضي لجميع الأطراف لقضية الصحراء فالمفاوض الأساس غائب ومضمون التفاوض حوله خلاف جدري كما سبق وأن وضحنا .. لماذا إذن لا نقر بحقيقة الأمر وهي أننا نشارك في لعبة سياسية تمكن أعداءنا من إسترزاق المكتسبات فيما حقيقة الصراع غائبة ومغلفة بستار النفاق والكره والعداوة .
إلى الأخوة في تندوف من أبناء الشعب الصحراوي المحاصر أقول إن قيادة البوليجزاريو تستعمل آلامكم للتفاوض من أجل مناصب وألقاب وإنكم أولى بتلك الألقاب منهم .. إن حقكم في المنصب حق يضمنه الدستور المغربي .
اليوم وقبل اي وقت مضى يبيعكم البوليجزاريو أكذوبة التفاوض من أجل تحقيق حلم الدولة المستقلة وهو يعلم أن تحقيق هدفه هذا ابعد مايكون عن المعقول بل ومن باب المستحيل فقد قضيتم في العراء أكثر من ثلاثة عقود وسجانكم مستعد أن يترككم في العراء لأجيال وأجيال .. فما يهمه هو خدمة مشروع جزائري يهدف عرقلة أهداف المغرب الوحدوية ولم يجد غيركم للمزايدة بهم .. فأية مفاوضات هاته التي يدعي .. إن قبول البوليجزاريو بحل الحكم الذاتي سيمنحكم الأمن والأمان وسيسهل عودتكم لأهاليكم وذويكم .. إسألوا شيوخكم عن حقيقة ما يريد البوليجزايو تحقيقه بدل الإنسياق وراء أكذوبة الاستقلال.الـكاتب الــصحفي محمد سعيد الوافي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق