الأربعاء، 28 أبريل 2010

أهينت و انتهكت كرامتها واكتوت بلوعة فراق أطفالها و استشهاد زوجها

لم تكن" سكينة بنت ميلود" تضن يوما أن رحلتها لمدينة طانطان في نهاية السبعينات لاستخلاص معاش زوجها الذي استشهد و هو يدافع عن حوزة الوطن، ستتحول بقدرة قادر إلى رحلة من المعاناة عناوينها البارزة:إختطاف، و تعنيف، و تعذيب، سوف تمتد لتلتهم أحلى أيام شبابها، و تسلب منها اكتر من21سنة من عمرها في غمضة عين، لن تتمكن من خلالها من رؤية فلذات كبدها. بل أكتر من ذلك، سوف يفرض عليها زواج قسري بداخل مخيمات الذل والعار، ولن تتمكن من التخلص من قيوده إلا بعد معانات طويلة، لتعود بعدها إلى حضن الوطن سنة 2000.ورغم مرور عقدا من الزمن على عودتها، إلا ،أنها لم تستطيع التخلص من تداعيات الجرم الذي إرتكبته عصابة البوليساريو في حقها مرتين.

انقلبت حياة هده المرأة المزدادة سنة 1940بكلتة زمور رأسا على عقب، بعد أن سقط زوجها سنة 1976 شهيدا و هو يدافع عن حوزة الوطن و صونا لوحدته الترابية،إذ كان منخرطا في صفوف القوات المسلحة الملكية .و منذ دلك التاريخ ،، أصبحت سكينة المعيلة الوحيدة لأسرتها الصغيرة التي تتكون أساسا من ابنيها الصغيرين٬ حيت ناضلت بكل ما تحمله الكلمة من معنى من اجل ضمان السبل الكفيلة بتربيتها، و عكفت على توفير كل ما يحتاجون إليه من ملبس و مأكل و رعاية و دراسة إلى غير دلك من المستلزمات .وكان لزاما عليها أن توفر كل تلك الأمور انطلاقا من راتب معاش زوجها،تم إخبارها بضرورة الالتحاق بمدينة طانطان التي لا تبعد كثيرا عن مدينة كلميم بهدف أن تصرف حوالتها المالية عند نهاية كل شهر، وفق ما هو معمول به بالنسبة لجميع المعاشات .و بعد حلول نهاية الشهر الأول من 1979، توجهت سكينة إلى مدينة طانطان، مرفقة بملفها الإداري كان يحتوي على مجموعة من الوثائق الإدارية التي تكشف عن هويتها و وضعية زوجها المتوفى.و كانت الغاية المرجوة من هذه الزيارة هي أن تستخلص راتب المعاش رفقة أرملتين تعانين من نفس حالتها.وهكذا، توجهن كلهن على متن سيارة أجرة نحو طانطان لتلك الغاية، وأثناء الرحلة أوقفتها دورية تابعة للجيش المغربي، بسبب تسرب معلومات حول اندلاع اشتباكات عسكرية بين ميليشيات البوليساريو الجيش المغربي٬ الخبر الذي كانت تجهله حقيقته حتى تلك اللحظة. و بعد إخبارهما بأن المعارك التي كانت قد اندلعت بين الجانبين تجرى بمنطقة تدعى" بالمسيد" بعيدا عن مدينة طانطان من طرف أعضاء الدورية التي كانت مرابطة على الطريق الرئيسي الرابط بين كلميم وطانطان، تابعن جميعهن المسير نحو وجهتهن المعلومة.غير أن ما سوف يتأكد فيما بعد هو أن الخبر الذي توصلت به الدورية المذكورة كان عاريا تماما عن الصحة ،و أن المكان الذي كانت تدور فيه المعركة ليكن سوى قلب مدينة طانطان .
وعن السبب في عدم تمكن أفراد الدورية من معرفة حقيقة الأمور، يكمن أساسا في تمكن ميليشيات البوليساريو من اختراق قنوات الاتصال ألاسلكي التي كانت تجري ذلك اليوم بين أفراد الجيش المغربي فيما بينهم٬ حيث تم تمرير مجموعة من الأخبار الزائفة حول مجموعة من التحركات و العمليات التي تمت مباشرتها من طرف عناصر البوليساريو بمد ينة طانطان و ضواحيها.
هكذا، توجه السائق بسيارته صوب مدخل المدينة، ليتفاجأ جميع من كانوا على متنها بكمين نصبته ميلشيات البوليساريو المدعومين بعدد من الجنود الجزائريين الذين شاركوا في عملية اقتحام مدينة طانطان بتاريخ 28يناير 1979 .ولم تتردد تلك الميلشيات في تطويق سيارة الأجرة٬ حيث تم توجيه فوهات رشاشتهم صوب رؤوس النسوة اللائي كن مغلوبات على أمرهن، طالبين منهن رفع أياديهن و الخروج من السيارة على إيقاع وابل من السب و الشتم و الكلام الخادش الذي لا يمكن أن يتقبله أي إنسان كيفما كانت درجة تحمله. وبعدها مباشرة تم اقتياد سكينة وبندقية احد الجنود موجهة خلف رئسها إلى أحد الخنادق التي كانت معدة أساسا لتجمع المختطفين من سكان مدينة طانطان٬ حيث تقدم نحوها قائد الكتيبة بلباس الجيش الجزائري، وسألها عن اسمها ومكان قدومها. وبعد ذلك تركها في ذلك الخندق رفق مجموعة من السكان، منهم من كان ينزف دمه ومنهم من أزهقت روحه في انتظار جلب باقي المختطفين إلى عين المكان.كانت الدقائق تمر بالنسبة إليها ثقيلة، وفي كل لحضة من اللحظات كان الخوف يغمرها، وآلاف الأسئلة تتبادر إلى مخيلتها .لكن سكينة لم تتصور ما تعيشه في تلك اللحظات بالذات لم يكن سوى إيدانا بانطلاق رحلة عذاب لا نهاية لها ،عنوانها الأبرز الاحتجاج والتنكيل و التعذيب ...!!.وبعد أن تم تجميع العشرات من المختطفين اللذين كانوا يتكونون أساسا من الأطفال و النساء والشيوخ و الرجال من ساكنة طانطان، تم اقتيادهم جميعا صوب مخيمات الذل والعار بعد أن تم تكديسهم داخل شاحنات كبيرة لا تصلح سوى لنقل الدواب .امتدت الرحلة على متن تلك الشاحنات صوب المخيمات حوالي 15يوما، وكانوا كلما وصلوا إلى منطقة معينة يمكثون بها ليم أو ثلاثة حتى يتأكدون من خلو وسلامة الطريق تم يتابعون بعد ذلك مسيرتهم صوب وجهتهم.وكان يتم خلال مختلف مراحل الرحلة عقد جلسات موسعة لاستنطاق المختطفين من المدنيين العزل، و التي كان يبدأ مسلسلها مع غروب شمس كل يوم إلى الساعات الأولى من الصباح الموالي، مرفقة بمختلف أنواعا الإهانة و التعذيب و السب .

هناك تعليق واحد: